خطبة الجمعة القادمة بعنوان : مفهوم التنمية الشاملة ، للدكتور محمد حرز
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : مفهوم التنمية الشاملة ، للدكتور محمد حرز، بتاريخ 20 شعبان 1442هـ ، الموافق 2 أبريل 2021م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 2 أبريل 2021م بصيغة word : مفهوم التنمية الشاملة ، للدكتور محمد حرز.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 2 أبريل 2021م بصيغة pdf : مفهوم التنمية الشاملة ، للدكتور محمد حرز.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 2 ابريل 2021م بعنوان : مفهوم التنمية الشاملة ، للدكتور محمد حرز:
أولاً: التنمية والهدف منها .
ثانيًا: سبل تحقيق التنمية .
ثالثًا: تنمية من نوع خاص في أيام النفحات
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 2 ابريل 2021م كما يلي:
الحمد لله القائل في محكم التنزيل﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الذريات : 55) وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّه, وَأشهد أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ القائلُ: (إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ ، وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ) فاللهم صل وسلم وزد وبارك على النبي المجتبى وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلي يوم الدين .
أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (سورة آل عمران :102) ثم أما بعد:
(التنمية الشاملة ) عنوان وزارتنا وعنوان خطبتنا .
عناصر اللقاء:
أولاً: التنمية والهدف منها .
ثانيًا: سبل تحقيق التنمية .
ثالثًا: تنمية من نوع خاص في أيام النفحات
بدايةً ما أحوجنا إلى أن يكون حديثنا عن التنمية ، وبخاصة ونحن في أمس الحاجة إلى تنمية شاملة في جميع نواحي الحياة , فالتنمية وإن كان اللفظ غريبًا عن المنابر إلا أن له مدلولاً، ومنظورًا شرعيًا، فالإنسان في حاجة إلى التنمية , والروح في حاجة إلى تنمية والمجتمع في حاجة إلى التنمية.
أولاً: التنمية والهدف منها .
أيها السادة : من المعلوم لدى الجميع أن المجتمعات الناجحة تقاس قوتها بمدى تحقيق التنمية الشاملة فيها سواء التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والإيمانية والروحية ، فالركود والتضخم والكساد والبَطَالة والفقر والجهل والمعاصي أمراض شيخوخية تؤدي إلى انتشار الفساد في أركانه, وانطفاء الأمل بين شبابه، ومن ثم تكثر الانحرافات مثل: اليأس والانتحار والإحباط في المجتمعات ، وهذا يتنافى مع ما جاء به الإسلام الذي أمرنا بالقوة والعزة والمنعة قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون من الآية:8]، فكانت القوة الروحية، وقال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال من الآية:60]، فكانت القوة المادية.
فالإسلام جاء بالأسس المتكاملة لقيام دولة قوية يسودها العدل والرحمة واللُّحْمة بين أفراده فعمل على تنمية المجتمع تنمية شاملة ,وهذاما فعله المصطفى صلى الله عليه وسلم في مجتمع المدينة المنورة عندما دخلها حيث أقام دولة الإسلام في قلوب أصحابه قبل أن يقومها على الأرض يا سادة . وحيث وُجِد الإنسان وجدت التنمية، وحيث غاب الإنسان غابت التنمية , فلا تقوم التنمية إلا من أجل الإنسان ,ولا يستفيد من التنمية إلا الإنسان بنيان الرب سبحانه فالشعارات وحدها لا تنجز التنمية والادعاءات لا تبني واقعًا جديدًا , والتنمية لا تُستورد ولا تستنسخ يا سادة، وإنما بحاجة إلى إنسان حريص على وطنه, يضحي من أجل وطنه ومن أجل رفعة وطنه .
أيها السادة : التنمية حق من حقوق الإنسان ,والتنمية تهيئة المتطلبات ومواجهة التحديات والتنمية هي التركيز على مواطن الضعف في المجتمع ومعالجتها.
فالتنمية تحتاج إلى مشقة وجهد وعمل مستمر من الجميع قال الله تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة:10]،
وقال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ
النُّشُورُ}(الملك:15)
فلا تتحقق التنمية بضياع كثير من الوقت في مشاهدة الأفلام والمسلسلات ومقاطع الإنترنت ,ولا تتحقق التنمية بمنع الفقير حقه في المال , ولا تتحقق التنمية بالتسول هنا وهناك، ولا تتحقق التنمية بالغش والتدليس في البيع والشراء ولا تحقق التنمية بالرشوة والاختلاس والسرقة والخيانة, لا تحقق التنمية بالربا المحرم يا سادة .
والهدف من التنمية الشاملة على سبيل المثال لا الحصر : التخلص من الفقر ومعالجته وهذا ما دعا إليه الإسلام ونبي الاسلام صلى الله عليه وسلم بل لقد استعاذَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- من الفقر، وجعله قرينًا للكُفر: “اللهم إني أعوذُ بك من الكُفر والفقر)”. رواه أبو داود وغيره), بل جعل الاسلام للفقير حق في مال الغني للقضاء على ظاهرة الفقر فقال تعالى:( وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25 ( (سورة المعارج)
فيا غني تدبر وتصور ، قال الله المصور جل شأنه: { لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ )(آل عمران: 92).
والهدف من التنمية الشاملة : التخلص من البطالة بتوفير فرص العمل، فلقد حثنا الإسلام على العمل ففي الحديثِ الصحيحِ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:( لئن يأخُذ أحدُكم حبلَه، فيأتي بحزمةِ الحَطَبِ على ظهره، فيبيعُها، فيكُفُّ بها وجهَه خيرٌ من أن يسألَ الناسَ أعطَوه أو منَعُوه) وقال عليه الصلاة والسلام: “ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده“
كما تهتم بضرورة تحقيق العدالة والمساواة في توزيع الثروة القومية، وتسعى التنمية الشاملة لزيادة الإنتاج، ورفع مستوى المعيشة للأفراد، وهذا مما دعت إليه الشريعة الغراء، قال الله جل وعلا ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾( النحل: 90)
ثانيًا: سبل تحقيق التنمية .
أيها السادة: هناك سبل، وطرق عديدة؛ لتحقيق التنمية في شتى مجالاتها منها على سبيل المثال لا الحصر :
ضمان التربية والتنشئة الاجتماعية السليمة على مستوى الأسرة، والمدرسة، والإعلام، بما يتوافق مع تعاليم الإسلام التي تخدم الفرد والمجتمع لذا لما جاء رجلٌ إلى عمرَ بنِ الخطاب -رضي الله عنه- يشكو عُقوق ولدِه، فدعا عمرُ بالولد ووَبَّخَهُ وناصحه، فقال الولد: “لا تَعجَل يا أميرَ المؤمنين، ألَيسَ لي حقٌ على أبي كما لهُ حقٌ عليَّ؟ قال: بلى، قال: فما حقي عليه؟ قال: أن يُحسِن اختيارَ أمِّك، ويسمِّيك اسمًا حسنًا، ويحفِّظَك القرآن، قال الولد: فإنَّ أبي لم يفعل شيئًا من ذلك: أمَّا أمِّي فهي أمَةٌ خَرقَاء اشتراها بدِرهمين فولدتني فسمَّاني جُعلاً، ولم يحفِّظني من القُرآن آيةً“.فقال عمرُ للأبِ: “اخرُج فقد سبقتَ ولدكَ إلى العقوق“.
فالتربية الصحيحة على الأخلاق والمبادئ تنمية للفرد والمجتمعات .
ومنها: رفع المستوى العلمي والمعرفي لأفراد المجتمع, فالاستثمار في العلم أفضل أنواع الاستثمار، لذا فقد قدم الإسلام العلم على العمل ورفع شأن العلماء العاملين على العابدين بغير علم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب» فالإسلام دين العلم حث عليه ورفع من شأن أهله فقد حض على العلم والتعلم ولذا جاء الإسلام يحض على التنمية العلمية قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة:11]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقًا يطلبُ فيه علمًا سلك به طريقًا إلى الجنةِ وإنَّ الملائكةَ لَتضعُ أجنحتَها رضًا لطالبِ العلمِ وإنَّ العالمَ لَيستغفِرُ له مَن في السماواتِ والأرضِ والحيتانُ في جوفِ الماءِ وإنَّ فضلَ العالمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ ليلةَ البدرِ على سائرِ الكواكبِ وإنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ وإنَّ الأنبياءَ لم يُورِّثوا دينارًا ولا دِرهمًا وإنما ورّثوا العلمَ فمن أخذهُ أخذَ بحظٍّ وافرٍ“ والاهتمام يا سادة بالتنمية التعليمية سبب لنهوض بالأمم والمجتمعات
ومنها: ترسيخ قيم وروح المواطنة لدى أبناء المجتمع فمن المعلوم أن أغلى ما يملك المرء بعد دينه وطنه ، وما من إنسان إلا ويعتز بوطنه؛ لأنه نشأ فيه وترعرع وتربى وشب على أرضه، وعاش حياته وذكرياته بحلوها ومرها , وهو موطن آبائه وأجداده، ومأوى أبنائه وأحفاده، فالعمل على تنمية الأوطان واجبة .
ومنها: بث روح المحبة والاخاء والتعاون بين أفراده ليصبح المجتمع كله كالجسد الواحد وصدق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ يقول كما في صحيح مسلم من حديث النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “ مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى“ وصدق النبي r إذ يقول كما في صحيح البخاري مسلم منْ حديث أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ“
ومنها: اتقان العمل فهو سبب لتقدم الامم فكم من أمم تقدمت بسبب اتقانها للعمل , وكم من أمم تأخرت بسبب عدم اتقانها للعمل لذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ“.
ثالثًا: تنمية من نوع خاص في أيام النفحات
أيها السادة : من الواجب علي الدعاة أن يهيئوا النفوس الشاردة، وأن يقظوا القلوب الغافلة لاستقبال مواسم الطاعات والنفحات , هذا الموسم العظيم إنه ربيع أمة سيد النبيين صلي الله عليه وسلم , لذا نحن في حاجة إلى تنمية من نوع خاص تنمية إيمانية تنمية الحسنات في مواسم الرحمات تنمية في الصدقات لإغناء الفقراء في مواسم الطاعات وخاصة ونحن على أعتاب شهر الصيام والقرآن والقيام.
أيها السادة: اعلموا يقينًا أن الإيمان قول وعمل ، قول باللسان، وتصديق بالجنان، وعمل بالجوارح والأركان ، فليس الإيمان بالتمني أنا مؤمن فحسب كلا، ولكن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل , فالإيمان يزيد وينقص ، يزيد بالطاعات وينقص بالعصيان والزلات قال ربنا : ] هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ [ [ الفتح : 4 ]. ، قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) )الأنفال:2)،
فاحذر من الذنوب والمعاصي علي الإيمان؛ لأن المعصية سواد في الوجه وظلمة في القلب والقبر، وضيق في الرزق ووهن في البدن وبغض في قلوب الخلائق ,علي العكس من الطاعة فإنها نور في الوجه ونور في القلب والقبر وسعة في الرزق وقوة في البدن ومحبة في قلوب الخلائق كما قال ابن عباس ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ .فالإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالعصيان والزلات قال تعالى:( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14 ( (سورة المطففين) قال الحسن البصري : هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب فيموت , و في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم– قال: “لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينهب نُهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها بأبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن“
وفى الحديث الذي رواه الطبرني في الأوسط من حديث على قال : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : ما من القلوب قلب إلا وله سحابة كسحابة القمر ، بينا القمر يضيء إذ علته سحابة فأظلم إذ تجلت)) فلا بد من تعهد القلب بالطاعات ، ولابد من تجديد الإيمـان في القلب وزيادته من آن لآخـر ، فالقلوب تتأثر بالطاعات كما تتأثر بالذنوب والمعاصي فعن حُذَيْفَةُ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : « تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا فَأَىُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ وَأَىُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلاَ تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لاَ يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلاَ يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلاَّ مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاه ) فالتنمية الإيمانية والروحية حياة للقلوب ,والأبدان وغذاء للروح قبل الأجساد.
دع عنك ما قد فات في زمن الصبا *** واذكر ذنوبك وابكها يا مذنب
لم ينسه الـملكان حين نسيــته *** بل أثبتــاه وأنت لاه تلعـب
والروح منك وديعة أودعتـهـا *** ستردها بالرغم منـك وتسـلب
وغرور دنيـاك التي تسعى لها *** دار حقيـقـتها مـتاع يذهــب
اللـيل فاعلم والنـهار كلاهما *** أنفاسـنا فيها تـعد وتحسـب
أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم
الخطبة الثانية
الحمد لله ولا حمد إلا له وبسم الله ولا يستعان إلا به وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ …………………… وبعد
أيها السادة : نعيش في أيام كلها نفحات من الرحمن يفرح بها المؤمنون، ويستغر فيها المذنبون ،ويتنافس فيه المتنافسون ،ولقد حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على اغتنام تلك الأوقات الفاضلة على مدار العام فقال صلَّى الله عليه وسلَّم: “إِنَّ لِرَبِّكُمْ عزَّ وجلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لا يَشْقَى بَعْدَهَا أبدًا)” رواه الطبراني) وعن عبد الله بن عمرو ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الإيمانَ ليَخلَقُ في جوفِ أحدِكم كما يَخْلَقُ الثوبُ ، فاسأَلوا اللهَ أن يُجدِّدَ الإيمانَ في قلوبِكم)
فالإيمان يبلَى ويَضعُفُ في قلب المسلم، ويكون ذلك بسَببِ الفُتور في العِبادةِ أو ارتكابِ المعاصي وانغِماسِ النَّفسِ في بَعضِ شَهواتِها، “كما يَخْلَقُ الثَّوبُ“، أي: مِثْلَ الثَّوْبِ الجَديدِ الذي يبلى بطولِ استخدامِهِ؛ “فاسْأَلوا اللهَ تعالى” بالدُّعاءِ والأعمالِ الصالحةِ والقِيامِ بالفرائضِ وأعمال التطوُّعِ التي تَعمُرُ القَلبَ بالإيمانِ، والصَّدقاتِ والنفقةِ على المحتاجِينَ، والتَّفكُّرِ في آياتِ اللهِ الشرعيَّةِ والكونيَّةِ، وكَثرةِ الذِّكرِ والاستغفار ولُزومِ مَجالِسِ الذِّكرِ والعِلمِ، كما في الأثَرِ الذي ذَكَره ابنُ أبي شَيبةَ عن مُعاذِ بنِ جبلٍ رضِيَ اللهُ عنه، قال: «اجلسْ بنا نُؤمِنْ ساعةً»، يعني: نَذكُر اللهَ، “أنْ يُجَدِّدَ الإيمانَ في قُلوبِكم”، وتجديدُ الإيمانِ أنْ يعودَ إلى ما كان عليه ويَزيدَ، حَتَّى لَا يكونَ في القُلوب وَلَهٌ لغَيرِهِ وَلَا رَغْبَةٌ فِي سواهُ.
فجددوا إيمانكم بالتقرب إلى ربكم . جددوا إيمانكم بالتوبة إلى ربكم, جددوا إيمانكم بالمحافظة على صلاتكم , جددوا إيمانكم بالصلاة والسلام على نبيكم, جددوا إيمانكم بلا إله إلا الله فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( جَدِّدُوا إيمانَكم ، قيل : يا رسولَ اللهِ وكيف نُجَدِّدُ إيمانَنا ؟ قال : أكثِروا مِنْ قولِ لا إله إلا اللهُ)
دقاتُ قلبِ المرءِ قائلَةٌ له …. إن الحياةَ دقائقٌ وثواني
فاختر لنفسِك بعد موتِك ذِكرَها … فالذكرُ للإنسانِ عُمرٌ ثاني
فالتنمية، التنمية فيها صلاح للبلاد والعباد , التنمية، التنمية فيها رقي وحضارة للبلاد والعباد , التنمية الشاملة سبيل لتقدم الأمم
والواجب علينا ياسادة : كُلٌّ يجتهد ويعمل في مجاله وتخصصه؛ لتنهض مصرنا الغالية؛ لتكون رائدة للدول والأمم .
حَفِظَ الله مصرَ من كل سوء وشر وجميع بلاد المسلمين ,ومنً الله عليها بنعمة الأمن والأمان والرخاء والتنمية بجميع صورها ……..اللهم آمين
وأكثروا أيها الأخيار من الصلاة والسلام على نبي الإسلام تسعدوا في الدنيا والآخرة، وقوموا إلى صلاتكم يرحمنا ويرحمكم الرحمن .
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه
د/ محمد حرز
إمام بوزارة الأوقاف
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف